وعدت بسحب دعم إسبانيا للمغرب في قضية الصحراء إذا فازت برئاسة الوزراء.. يولاندا دياز تُغازل الجزائر و"البوليساريو" قبل الانتخابات
تلقت الصحافة الجزائرية والأذرع الإعلامية لجبهة "البوليساريو" الانفصالية، تصريحا للمرشحة للانتخابات العامة الإسبانية، يولاندا دياز، بترحاب كبير في الأيام الأخيرة، بعدما أعلنت خلاله عن التزامها بدعم ما أسمته بـ"كفاح الشعب الصحراوي لتقرير مصيره والاستقلال" خلال لقاء لحشد الدعم لترشحها للانتخابات الرئاسية الإسبانية، وهو اللقاء الذي حضره ممثل "البوليساريو" في إسبانيا عبد الله العربي يوم الجمعة الأخير.
وجددت يولاندا دياز التي قامت في الشهور الأخيرة بتشكيل منصة سياسية تحمل اسم "Sumar" قررت عبرها دخول غمار المنافسة على كرسي رئاسة الحكومة الإسبانية في الانتخابات المقبلة أواخر العام الجاري، تصريحاتها الداعمة لجبهة "البوليساريو" والتي كان من بينها إعطاء وعد بسحب دعم مدريد لمبادرة الحكم الذاتي المغربية لحل نزاع الصحراء والعودة بموقف إسبانيا إلى الموقف السابق "المحايد"، وذلك في حالة فوزها برئاسة الحكومة الإسبانية.
وبالرغم من أن يولاندا دياز تشغل حاليا منصب وزيرة الشغل لدى حكومة بيدرو سانشيز، وصلت إليه عبر ائتلاف حكومي تضمن حزب "بوديموس" الذي كانت تنتمي إليه، وهو الحزب المعروف بدعمه لاطروحة الانفصال التي تتبناها جبهة "البوليساريو" الانفصالية، إلا أن الحكومة الإسبانية الحالية تتبنى موقفا داعما للمغرب في قضية الصحراء، وذلك منذ مارس 2022 بعد رسالة كان قد وجهها رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز إلى العاهل المغربي محمد السادس.
ويتماشى هذا الخطاب السياسي ليولاندا دياز، مع آمال الجزائر وجبهة "البوليساريو"، اللتان ترغبان بشدة في تغيير مدريد موقفها من قضية الصحراء والعودة إلى موقفها السابق، وكانت الجزائر قد فرضت هذا الشرط من أجل استئناف علاقاتها الديبلوماسية والتجارية مع مدريد المنقطعة منذ منتصف العام الماضي.
وكانت جبهة "البوليساريو" من جهتها، قد مارست ضغوطات كبيرة عبر تمثيلياتها في إسبانيا والعديد من الأطراف السياسية المدعمة لها في شبه الجزيرة الإيبيرية، من أجل دفع بيدرو سانشيز إلى التراجع عن دعم مبادرة الحكم الذاتي للصحراء تحت السيادة المغربية، إلا أن هذه الضغوطات كلها لم تؤت أي نتيجة، في الوقت الذي قطعت فيه الحكومة الإسبانية ونظيرتها المغربية أشواطا متقدمة في تمتين العلاقات الثنائية بناء على دعم مدريد للرباط في قضية الصحراء.
وتترقب الجزائر وجبهة "البوليساريو" الانتخابات الرئاسية المقبلة، على أمل حدوث تغيير في هرم السلطة السياسية، وصعود اسم سياسي آخر بدل سانشيز، من أجل تغيير القرارات المرتبطة بقضية الصحراء، وقد بهذا الترقب هذا الترقب واضحا في تصريحات المسؤولين الجزائريين، ولاسيما الرئيس عبد المجيد تبون، الذي قال في حوار مع قناة الجزيرة منذ أسابيع ، بأن موقف إسبانيا من قضية الصحراء والمتمثل في دعم مقترح الحكم الذاتي المغربي، هو "موقف فردي" لحكومة بيدرو سانشيز، ما يعني -حسب المنظور الجزائري- أن تغيير مدريد هذا الموقف والعودة لموقفها السابق يبقى واردا مع حكومة جديدة.
وتزداد آمال الجزائر أكثر مع الخطاب السياسية لبعض الأحزاب، مثل الحزب الشعبي الإسباني المعارض "PP" الذي ينتقد حكومة سانشيز بين فترة وأخرى على الموقف الداعم للمغرب في قضية الصحراء، حيث يعتبر هذا الحزب بأن سانشيز تسبب في قطع العلاقات مع الجزائر وتسبب في خسائر مادية للعديد من الشركات الإسبانية التي تنشط في السوق الجزائرية.
وبالرغم من الحزب المذكور لم يُعلن بعد بشكل صريح بأنه في حالة إذا تولى حكومة إسبانيا سيعمل على التراجع عن موقف إسبانيا الجديد الداعم للمغرب في قضية الصحراء، إلا أنه يُعطي إشارات بأنه ضد الخطوة التي أقدم عليها رئيس الحكومة الإسبانية الحالي، وهو الخطاب الذي يُثير إعجاب النظام الجزائري ويزيد من آماله بشأن إمكانية دفع إسبانيا للتراجع عن موقف سانشيز.
ويُعتبر الحزب الشعبي المعارض هو من أكثر الأحزاب تمثيلية وشعبية في إسبانيا، وبالتالي يُعتبر هو المنافس الأقوى للحزب العمالي الاشتراكي الذي ينتمي إليه سانشيز، ويُتوقع أن تكون المنافسة قوية بين الطرفين على أصوات المواطنين الإسبان في دجنبر المقبل.
لكن فوز حزب الـ"PP" برئاسة الحكومة الإسبانية، لا يعني بالضرورة تراجع إسبانيا عن دعمها للمغرب في قضية الصحراء، فحسب عدد من المتتبعين للشأن السياسي في إسبانيا، فإن الواقع الحكومي يختلف عن الواقع السياسي في المعارضة، وبالتالي يُرجح عدم تراجع مدريد عن موقفها الداعم للمغرب في قضية الصحراء حتى لو تولى الحزب الشعبي للحكم في البلاد.
ويرجع هذا الاعتقاد إلى كون أن المغرب وإسبانيا وقعا العديد من الاتفاقيات التي تُلزم البلدين باحترامها، وفي حالة تراجع أي طرف عنها قد يؤدي ذلك إلى أزمات حادة ستُسيء لصورة الحزب الحاكم، وبالتالي فإن السيناريو الأكثر توقعا في حالة إسبانيا، هو توجه الحزب الشعبي في حالة توليه رئاسة الحكومة الإسبانية، الابقاء على قرار دعم المغرب في قضية الصحراء بمبرر أنه ملزم بالاتفاقيات التي أبرمتها الحكومة السابقة التي لا دخل له فيها، وهو الأمر الذي لا يُعتبر مبررا جيدا للجزائر.
وما ينطبق على الحزب الشعبي، قد ينطبق أيضا على مرشحة "سومار"، يولاندا دياز، بالرغم من حظوظها في الانتخابات الرئاسية تبقى أقل مقارنة بممثل الحزب الشعبي.